تلاوة القرآن الكريم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]د/ محمد الحاوري
قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} (2) سورة الجمعة.
قال الراغب الأصفهاني في كتابه مفردات القرآن: التلاوة تختص باتباع كتب الله المنـزلة تارة بالقراءة، وتارة بالارتسام لما فيها من أمر، ونهي، وترغيب، وترهيب. وهي: أخص من القراءة فكل تلاوة قراءة، وليس كل قراءة تلاوة، لا يقال: تلوت رقعتك، وإنما يقال في القرآن في شيء إذا قرأته، وجب عليك إتباعه.
ويؤكد العالم التربوي سعيد إسماعيل علي أن برنامج إعداد المعلمين عليها أن تأخذ بعدين: استيعاب الآيات، واتباعها كأسلوب حياة، أي تطبيقها في واقع الحياة.
إن تلاوة آيات الله هي المهمة الأولى لبعثته e قال الله تعالى: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} (129) سورة البقرة. وقال الله تعالى: {رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً} (2) سورة البينة. وهذه التلاوة تستهدف الخروج من الظلمات إلى النور، قال الله تعالى: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11) } سورة الطلاق. وبها تقوم حجة الله تعالى على خلقه، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} (59) سورة القصص.
إن القرآن الكريم في آية منه يجعل التلاوة هدفا لرسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: {كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} (30) سورة الرعد. لأن التلاوة الحقة للقرآن زاد الإيمان وسبيله، قال الله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (121) سورة البقرة. وتلاوة كتاب الله تعالى، هي مفتتح الخير الذي يقود الفئة المباركة إلى المتاجرة مع الله تبارك وتعالى، قال الله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ} (29) سورة فاطر.
وهنا لا بد من التذكير بوجوب ترتيل القرآن الكريم وليس هذَّه هذَّ الشعر، قال الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} (32) سورة الفرقان.
ومن المهم جدا التنبيه على الأمور التالية في التلاوة:
- الورد القرآني، فلابد أن يكون لكل مسلم وردا من القرآن الكريم؛ قال الله تعالى: {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (20) سورة المزمل. ليخرج من هجر القرآن، قال الله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} (30) سورة الفرقان. وأقل الورد أن يختم في الشهر مرة لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص: " قال: اقرأ القرآن في كل شهر" متفق عليه.
- التذكير بالقرآن، والإنذار به، الوعظ بتلاوة القرآن، كان الصحابة يحفظون السور من فم رسول الله من المنبر. قال الله تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} (45) سورة ق. وقال الله تعالى: {وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } (51) سورة الأنعام.
- التربية بتلاوة القرآن، تحقيقا للتلاوة والتزكية والتعليم.
- العمل بالقرآن، فإن من معاني التلاوة العمل، وذلك بالوقوف عند حدوده، وتنفيذ أوامره، واجتناب نواهيه، في الاعتقاد والأقوال والأفعال، وفي الشئون الخاصة والعامة.
- أن يطيل قراءة القرآن في الصلاة الفردية عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: (صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ فَقُلْتُ يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ ثُمَّ مَضَى فَقُلْتُ يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ فَمَضَى فَقُلْتُ يَرْكَعُ بِهَا ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ) رواه مسلم. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: (صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطَالَ حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ قَالَ قِيلَ وَمَا هَمَمْتَ بِهِ قَالَ هَمَمْتُ أَنْ أَجْلِسَ وَأَدَعَه) رواه مسلم.
- كان الصحابة إذا اجتمعوا تلا عليهم أحدهم سورة من القرآن، ويتفرقون بتلاوة سورة العصر فيما بينهم.
- حفظ القرآن، جاء في الحديث الشريف: "إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب" رواه الترمذي.
ولا بد من التنبيه على ضرورة أن يكون المعلم في أي تخصص مستقيم التلاوة، لا يخطئ في تلاوة آية من القرآن الكريم، فإن الخطأ في التلاوة مسقط لقيمة المعلم أمام طلابه، وأمام المجتمع، ويفقده مركز القدوة، ولا يحتج معلم ما بالقول ليس تخصصي قرآن وعلومه، فهذا عذر أقبح من فعل، فإن تلاوة القرآن تلاوة صحيحة واجبة على كل مسلم، وعلى كل معلم أن يجتهد في تأدية التلاوة بأحسن ما يقدر عليه، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ليس منا لم يتغن بالقرآن" رواه البخاري.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ